أثارت تقارير مؤخرة قلق الممعنيين وذلك مع وصول الجليد البحري الذي يحيط بالقارة القطبية الجنوبية إلى أدنى مستوياته الشتوية المسجلة على الإطلاق، حسبما أفاد المركز الوطني الأمريكي لبيانات الثلوج والجليد (NSIDC)، وتعزز هذه البيانات الجديدة القلق المتزايد بين العلماء من أن تزايد رد فعل القطب الجنوبي على تغير المناخ بوتيرة سريعة، إن انخفاض الجليد البحري لا يمثل مصدر قلق فيما يتعلق بتنظيم درجة حرارة الأرض فحسب، وإنما يمثل كذلك تهديدا كبيرا للحياة البرية في القطب الجنوبي.
ومع انحسار الجليد، تواجه أنواع مثل طيور البطريق، التي تعتمد على الجليد البحري في التكاثر ورعاية صغارها، تواجه تحديات متزايدة، ومع توفر كميات أقل من الجليد الأبيض الذي يعكس ضوء الشمس إلى الفضاء، تتسارع مخاوف الانحباس الحراري العالمي، وتشير إحصائيات NSIDC، كما أفادت رويترز، إلى حدوث تغيير جذري، في 10 سبتمبر من هذا العام، وصل الجليد البحري في القطب الجنوبي إلى ذروته مسجلًا 16.96 مليون كيلومتر مربع، وهو ما يمثل أكبر انخفاض في الحد الأقصى لفصل الشتاء منذ أن بدأت الأقمار الصناعية في الرصد في عام 1979، ومعنى ذلك أنه أقل بمقدار مليون كيلومتر مربع من الرقم القياسي الشتوي المسجل في عام 1986.
وشدد “والت ماير”، أحد كبار العلماء في NSIDC، على خطورة الوضع، قائلاً: “إنها ليست مجرد سنة قياسية، بل إنها سنة قياسية للغاية، وينوي المركز إصدار تحليل شامل الشهر المقبل. على مستوى نصف الكرة الجنوبي، تعني الطبيعة الدورية للفصول أن الجليد البحري يصل عادة إلى أقصى انتشار له في سبتمبر، في نهاية الشتاء. ثم يتقلص هذا إلى الحد الأدنى خلال شهر فبراير أو مارس مع انتهاء الصيف، ومن المثير للقلق أن الجليد البحري في القطب الجنوبي هذا العام انخفض أيضًا إلى مستويات غير مسبوقة في فبراير، متجاوزًا الرقم القياسي السابق لعام 2022.
على النقيض من ذلك، في الوقت الذي تحمل فيه القطب الشمالي، ولا يزال، وطأة تغير المناخ لأكثر من عقد من الزمن، مع انحسار جليده بسرعة، فقد أظهر القطب الجنوبي نموا في حجم الجليد البحري من عام 2007 إلى عام 2016. ومع ذلك، فإن هذا التحول الأخير نحو مستويات الجليد المتضائلة يشير إلى أن قد يحدث تغير مناخي بشكل أكثر قوة في أنماط الجليد في القطب الجنوبي.
ورغم أن والت ماير يشير إلى أنه من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات نهائية، إلا أن دراسة أكاديمية حديثة في مجلة Communications Earth and Environment ربطت بين انخفاض الجليد البحري منذ عام 2016 وتغير المناخ الناجم عن الإنسان، وخاصة من خلال انبعاثات الغازات الدفيئة، وتأكيدًا على آراء العديد من خبراء المناخ، أكد أريان بوريش، الباحث في الجليد البحري من جامعة موناش الأسترالية والمؤلف المساعد في الدراسة، أكد على الحاجة الملحة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة لحماية هذه النظم البيئية الجليدية الحيوية.